خــــشــوع حــتــــى النــخـــاع .......!!
[ كان عبد الله بن الزبير يسجد حتى تنزل العصافير على ظهره ولا تحسبه إلا حائط ].
[ لو رأيت ابن الزبير يصلي كأنه غصن شجرة تهزها الريح والمنجنيق يقع هاهنا وهاهنا وكأنه لا يبالي ].
وعن ميمون بن مهران قال [ ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتا في صلاة قط ولقد انهد مت
ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدتها وإنه لفي المسجد يصلي فما التفت ].
وعنه أيضا [ أن مسلم بن يسار كان إذا دخل إلى المنزل سكتوا فإذا قام إلى الصلاة تكلموا وضحكوا ].
أخي الحبيب .........
قارئ المواقف السابقة أحد نوعين من الشباب :-
1- إما شاب يقرؤها لأول مرة فسيكون مندهشا للغاية وسيسأل نفسه كيف وصل هؤلاء
الناس إلى هذه الدرجة من الخشوع .
2- أو شاب يعرف تلك المواقف وقرأها قبل ذلك فسيقول لنفسه 'كلما قرأتها حاولت أن
أخشع وأستمر عدة أيام ثم يعود الحال على ما كان عليه قبل ذلك'
وأيا كان حالك أخي الحبيب فأنت مدعو للإجابة على هذا السؤال الهام.....
هل تتخيل درجة الخشوع التي وصل إليها سلفنا الصالح ؟
فالشخص الذي تقف العصافير على ظهره عند سجوده ولا يشعر لم يكن بالتأكيد لحظتها في
هذه الدنيا بل كان غارقا حتى النخاع في صلاته , ولك أن تتخيل أن هناك من توقظه
العصافير من نومه وليس فقط تشغله عن صلاته .
والذي تهدم بجواره ناحية من نواحي المسجد ولا تحدث منه التفاتة بسيطة ليرى ما حدث
بالتأكيد أيضا في هذه اللحظة كان عقله وقلبه خارج نطاق المسجد , هناك عند المولى عز
وجل .
عندما نذكر أحوال الخاشعين أخي الحبيب لا نذكرها لنصاب بالإحباط وخيبة الأمل عندما
نقرنها بحالنا هذه الأيام مع الصلاة , ولكن نذكرها لكي نقنعك بأن الصلاة ليست فقط مجرد
عبادة فرضها الله علينا من أداها دخل الجنة ومن تركها استحق العقاب من الله عز وجل ,,
كلا أيها الأخ الحبيب فالموضوع أكبر من ذلك بكثير .
قال لي يوما أحد الأخوة الأفاضل في يوم كنا نتحدث فيه عن الخشوع في الصلاة كلمات لا
أنساها قال لي [ لو استطاع الدعاة إلى الله أن يتقنوا الصلاة لتغير حال الأمة على الفور ].
فالصلاة عالم خاص ممتع , من استطاع أن يحيا فيه فقد أخذ من الدنيا ألذ ما فيها وهو
مناجاة الله عز وجل .
ولذلك كان من الضروري أن تتغير نظرتنا للصلاة من مجرد حركات نؤديها إلى عبادة تحي
القلب وتطهر البدن وتنقي العقل وتبارك في الحياة .
ولكن السؤال المهم الآن هو كيف اخشع في صلاتي وأدخل إلى هذا العالم الممتع الذي
تكلمنا عنه منذ قليل ؟
أولا: عليك أخي الحبيب أن تتوقف عن المعاصي بقدر الإمكان وبالأخص معاصي الشهوة
من إطلاق للبصر والعادة السرية وغيرها, لأن كثيرا من شكاوى الشباب تدور حول أنهم لا
يستطيعون أن يركزوا في صلاتهم لأن الشيطان يأتي إليهم في بداية الصلاة ويبدأ في عرض
الصور والمشاهد الجنسية المختزنة في الذاكرة فيحول الشاب أن يدفعها فيفشل وتنتهي
الصلاة ويخرج منها أكثر غما منه حين دخلها فالسبيل الوحيد لسد هذه الثغرة هي عدم ملئ
الذاكرة من الأساس بهذه الأشياء .وإن كنت قد ملأتها فعليك أن تبدأ في حذفها وإعادة ملأها
مرة أخرى , ولكن بكلام الله تعالى.
ثانيا: يجب أن يكون قدر الصلاة عندك عظيما فتعلم أنك لن تتقرب إلى الله بشيء أحب إليه
من الصلاة والمولى عز وجل لا يقبل من صلاة العبد إلا ما عقل منها كما قال النبي , فيكون هذا همك وهدفك عند دخولك الصلاة.
ثالثا: أن تدعو الله تعالى أن يرزقك الخشوع في الصلاة ويتقبلها منك بالرغم من تقصيرك
فيها وهذا من أهم الأسباب .
رابعا: أن تتعلم كيفية صلاة النبي من ركوع وسجود وقيام وتحرص على تقليدها قدر
الإمكان في صلاتك.
خامسا: اقرأ كلام العلماء في أسرار الصلاة والحكمة من كل ركن من أركانها أو استمع
إلى كلام الدعاة في هذا الأمر ونرشح لك بعض الكتب والأشرطة المفيدة في هذا الأمر :-
1- مختصر منهاج القاصدين لابن الجوزي [ما يتعلق بالخشوع في الصلاة [ ص 29:26 ]]
2- مدارج السالكين لابن القيم [ما يتعلق بالخشوع في الصلاة]
3- شرائط [ كيف تصلى ] للشيخ محمد حسين يعقوب
4- كتاب (أسرار الصلاة) لابن القيم
سادسا: حاول بقدر الإمكان أن تصلي نافلة قبل الفريضة لكي تهيئ نفسك للفريضة وتستعد لها .
سابعا: أن تحرص على صلاة الجماعة في المسجد وتحاول بقدر الإمكان أن تحضر تكبيرة
الإحرام مع الإمام في المسجد حتى يرى الله عز وجل منك حرصا على الصلاة فيرزقك
خشوعها .
وأخيرا لا تيأس أخي من كثرة المحاولات وصدقني إن الأمر يستحق
واسال الله عزوجل لنا ولكم التوفيق